الكثير من الناس يحبون الدقة والانضباط في كل جوانب الحياة، كترتيب المنزل ومكان العمل، والدقة في المواعيد، والمثالية في التعامل، وما إلى ذلك. وتعتبر هذه الطباع محمودة اجتماعيًا لأنها تؤدي إلى نتائج ناجحة، ولكن حين تشكل هذه الأمور هاجسًا للشخص الذي يقوم بها بشكل مبالغ فيه فإنها تعطي تأثيرًا عكسيًا، وتكون ناجمة عن اضطراب في الشخصية يسمى ” الشخصية الوسواسية ”
ما هو اضطراب الشخصية الوسواسية؟
هو اضطراب شخصية يتميز بنمط عام من القلق حول الانتظام، الكمالية، والاهتمام المفرط بالتفاصيل، التحكم العقلي والشخصي، وحاجة الشخص إلى السيطرة على بيئته، على حساب المرونة والانفتاح على التجارب والخبرة والكفاءة، كما قد يوصف المصاب بهذا الاضطراب بالإدمان القهري للعمل والبخل أيضا في كثير من الأحيان.
.
هل يوجد فرق بين اضطراب الشخصية الوسواسية واضطراب الوسواس القهري؟
اضطراب الشخصية الوسواسية هو اضطراب منفصل عن اضطراب الوسواس القهري، والعلاقة بين الاضطرابين مثيرة للجدل، حيث أنه وجد في بعض (وليس كل) الدراسات ارتفاع معدلات الاعتلال المشترك بين الاضطرابين، وكلاهما يشارك أوجه تشابه خارجية مع الآخر، كالسلوكيات الجامدة التي تشبه الطقوس، على سبيل المثال، الترتيب والحاجة إلى التناسق والتنظيم، يمكن أن تتواجد في أي من الاضطرابين.
تختلف النظرة تجاه هذه السلوكيات بين الأشخاص المصابين بأي من الاضطرابين، فالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري، فإنهم يعتبرون هذه السلوكيات غير مرغوب فيها، وينظرون إليها على أنها غير صحية، كونها نتاج أفكار مقلقة وقهرية، في حين أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الوسواسية يعتبرونها منسجمة مع ذواتهم، أي أنهم ينظرون إليها علي أنه وسائل عقلانية ومرغوبة لتحقيق الأهداف المتفقة مع العقلانية أو مع الصورة الذاتية، على سبيل المثال، التمسك الشديد بالروتين، أو الميل طبيعيا نحو الحذر، أو الرغبة في تحقيق الكمال.
.
أعراض اضطراب الشخصية الوسواسية :
هناك عدد من العلامات النفسية والسلوكية التي تظهر على الشخص الذي يعاني من اضطراب الوسواسية وتشمل:
1- التفاني في العمل:
الشخص المصاب باضطراب الوسواسية يتفاني بإفراط في العمل مما يضر بالأنشطة الاجتماعية والعائلية، إذ يأتي هذا التفاني على حسابها.
2- عدم إسناد المهام للغير:
الشخص المصاب باضطراب الشخصية الوسواسية يعيش حالة من عدم القدرة على مشاركة أو إسناد العمل لغيره بسبب الخوف من أنه لن يتم بشكل صحيح.
3- التركيز على التفاصيل :
التركيز المفرط على القوائم والقواعد والتفاصيل الطفيفة سمة أساسية من سمات الشخص المصاب باضطراب الشخصية الوسواسية.
4- اضطرابات الطعام:
هناك امتزاج .حاصل بين اضطراب الوسواسية واضطرابات الأكل، فالمصاب بها قادر على الصبر وتأخير الأكل فترة طويلة على حساب القيام بمهامه.
5- العيش دون مرح :
الحياة بالنسبة للمصاب باضطراب الشخصية الوسواسية هي عمل وعمل وعمل ولا مكان فيها للمرح وإذا فكروا في المرح سرعان ما يعودون للقواعد وتعقيداتها.
6- السعي نحو الكمال :
لأن المصابون باضطراب الشخصية الوسواسية يسعون نحو الكمال لا يبلغون ما يريدون فترى المصاب بهذا الاضطراب في تركيز شديد على الكمال لدرجة عدم وصوله لأي مكان لأن الكمال صعب البلوغ.
7- نظام أخلاقي صارم:
يتبع الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الوسواسية نظاما صارما على أنفسهم في اتباعهم للقواعد الأخلاقية والقيم الاجتماعية.
8- التقشف دون سبب:
يختبر الشخص المصاب باضطراب الشخصية الوسواسية قلة الكرم ويميل للتقشف الشديد بدون سبب ويراعي في حياته ويومياته سلوكيات الاكتناز.
ويتم تشخيص اضطراب الشخصية الوسواسية من قبل خبير عندما تؤدي هذه الصفات إلى ضعف كبير في المجتمع، العمل أو الأسرة.
.
كيف يمكن علاج اضطراب الشخصية الوسواسية ؟
تضمن علاج اضطراب الشخصية الوسواسية كلا من العلاج النفسي، والعلاج السلوكي المعرفي، والعلاج السلوكي أو المساعدة الذاتية، كما يمكن وصف أدوية طبية.
في العلاج السلوكي، يناقش المريض مع المعالج وسائل تغيير الدوافع القهرية إلى سلوكيات صحية ومنتجة، العلاج التحليلي المعرفي هو شكل فعال من أشكال العلاج السلوكي.
يعتبر العلاج عملية معقدة في حالة إذا كان المريض لا يقبل فكرة أنه مصاب باضطراب الشخصية الوسواسية، أو يعتقد أن الأفكار أو التصرفات التي يقوم بها صحيحة بطريقة أو أخرى، وبالتالي لا يجب أن تتغير. الأدوية الطبية عموما لا توصف وحدها في هذا الاضطراب.
من المرجح أن يلتقى الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الوسواسية العلاج النفسي أكثر ثلاث مرات من المصابين بمرض اكتئابي وهناك ارتفاع في معدلات استخدام الرعاية الصحية الأولية.
.
أنت لست وحدك تواصل معنا لخدمتك